السعودية 2034- رد على المغرضين وتأكيد على رؤية التقدم والإصلاح
المؤلف: فراس ابراهيم طرابلسي11.03.2025

في ميدان الصحافة والإعلام، جرت العادة أن تتجه الردود إلى ثلاثة أصناف من المستمعين: المتعاطف، المعارض، والمتردد. المؤيد مقتنع بالواقع ولا يحتاج لبراهين، فهو على دراية كاملة ببطلان الإشاعات المغرضة، تمامًا كمواطني المملكة الأبية والمقيمين فيها الذين يشاهدون كل يوم النهضة الشاملة التي تتبلور في أرجاء الوطن. أما الناقم، فهو لا يبتغي الحقيقة، ولن يعترف بالإنجازات مهما سطعت وتجلت، لأن غايته النقد ونشر الفتنة، وليس تقصي الحقائق. الرسالة التي أرسلها عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي رون وايدن وديفيد دوربين إلى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والتي تطالب بمنع المملكة العربية السعودية من استضافة كأس العالم 2034، تنطوي على مفارقات جلية لا يمكن إغفالها.
توقيت هذه الرسالة يثير الشكوك على نحو خاص، إذ تأتي بعد الخسائر الفادحة التي مني بها الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأخيرة، وكأنها محاولة يائسة لاختلاق قضايا خارجية لصرف الأنظار عن المشكلات الداخلية. ولكن الأهم من ذلك هو التساؤل: لماذا لم يظهر هذا "الحرص" المزعوم خلال الأعوام الأربعة التي قضاها الحزب الديمقراطي في السلطة، عندما سنحت لهم الفرصة لمناقشة هذه المسائل بصورة مباشرة؟
المملكة العربية السعودية، التي تشهد تحولًا تاريخيًا فريدًا، تشيّد مستقبلها بثبات من خلال رؤية 2030 الطموحة التي تعكس تصميمها الجاد على تحقيق تنمية مستدامة شاملة تحترم حقوق الإنسان وتتفق مع المعاهدات الدولية. وكما أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: "نحن لا نرى الإنسان كمجرد فرد في المملكة، بل كجزء لا يتجزأ من عالم مترابط. هدفنا هو صون حقوق الجميع، وإيجاد حلول تتوافق مع القيم العالمية وتحقق العدالة للجميع". هذا التصريح يعكس التزام المملكة الراسخ بتنفيذ إصلاحات جوهرية تعزز حقوق الإنسان بما يتماشى مع المعايير الدولية.
من أبرز هذه الإصلاحات إلغاء نظام الكفالة واستبداله بقوانين تساند الحرية وتضمن الحماية القانونية للعمالة الوافدة، مع إنشاء آليات فعالة لضمان حصول العمال على حقوقهم كاملة وفي وقتها المحدد. هذه الخطوات حظيت بثناء المنظمات الدولية وأكدت جدية المملكة في إحداث التغيير الإيجابي.
وفي مجال حقوق المرأة، أطلقت المملكة مبادرات جادة تدعم مكانة المرأة وتعزز مشاركتها في جميع القطاعات. لقد أصبحت المرأة السعودية اليوم عنصرًا حيويًا في القوى العاملة والمجالس التشريعية والتنفيذية، في تجسيد حقيقي لرؤية تقدر أهمية المساواة والإنصاف. علاوة على ذلك، قامت المملكة بتعزيز وتطوير بنيتها القانونية لضمان توافقها مع المعايير الدولية، مما يعكس إيمانها العميق بمسؤوليتها الدولية.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا اختار عضوا مجلس الشيوخ إثارة هذه الادعاءات في هذا التوقيت تحديدًا؟ خلال السنوات الأربع الماضية، عندما كان الحزب الديمقراطي في السلطة، لم يبدِ أي اهتمام حقيقي بمناقشة هذه القضايا مع المملكة، على الرغم من أن المملكة كانت تنفذ هذه الإصلاحات بشكل علني وشفاف. يبدو أن هذه الحملة تستهدف عرقلة نجاح المملكة في صعودها العالمي أكثر من استهداف قضايا حقوق الإنسان.
إن السعودية ترى في استضافة كأس العالم 2034 فرصة سانحة لعرض قصتها المعاصرة ورؤيتها المستقبلية. فالمملكة لا تطمح فقط إلى تنظيم حدث رياضي عالمي، بل ترغب في جعل الرياضة منصة لتعزيز التقارب بين الشعوب وبناء جسور من التعاون الثقافي والحضاري. لقد أثبت نجاحها في استضافة فعاليات ضخمة مثل فورمولا 1 وبطولات التنس والملاكمة للعالم أجمع قدرتها الفائقة على التنظيم وفقًا لأرفع المعايير الدولية.
إن استضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم 2034 ستكون دليلًا قاطعًا على التزامها الثابت بالمبادئ الدولية وحرصها على تحقيق نجاح شامل يخدم الرياضة والمجتمع الدولي بأسره. فالمملكة، التي تحترم المعاهدات الدولية وتسعى جاهدة لتحقيق مستقبل أفضل، تستحق أن تكون نموذجًا يحتذى به في المنطقة وخارجها.
إلى المستمعين المحايدين، أدعوكم إلى التدقيق بإنصاف في الحقائق. فالمملكة العربية السعودية، على الرغم من محاولات التشكيك التي تواجهها، تمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل مزدهر، وستظل نموذجًا للإصلاح الحقيقي والتنمية الشاملة. فلا تدعوا الأصوات المغرضة تحجب عنكم الحقيقة، فالمملكة تعيد صياغة نفسها كدولة حديثة متمسكة بقيمها وتسعى إلى بناء مستقبل واعد لشعبها وللعالم أجمع.
